إِنْ
الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَىْ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُ بِهِ
وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوْذُ بِاللَّهِ تَعَالَىْ مِنْ شُرُوْرِ
أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِىَ الْلَّهُ تَعَالَىْ
فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِىَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَا الَلّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ
أَمَّا بَعْــــدُ .........
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيْثِ كِتَابُ الْلَّهِ تَعَالَي وَأَحْسَنَ
الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ
، وَشَرِّ الْأُمُورَ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعِهِ وَكُلْ
بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِيْ الْنَّارِ ، الْلَّهُمَّ
صَلّىِ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِ مُحَمِّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَىَ
إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَىَ آَلِ إِبْرَاهِيْمَ فِيْ الْعَالَمِيْنَ إِنَّكَ
حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ ، وَبَارِكْ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِ مُحَمِّدٍ
كَمَا بَارَكْتَ عَلَىَ إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَىَ آَلِ إِبْرَاهِيْمَ فِيْ
الْعَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ .
حياكم الله أيها الأخوة الكرام والأخوات الكريمات ، وهذا هو أول لقاء لي
علي هذا الموقع مباشرة برغم أن هذا الموقع له عدة سنوات ، ولم يكن لي أية
جهود تذكر في هذا الموقع إلا ما يظهر لي من المادة الصوتية أو المادة
المصورة وفريق العمل القائم علي الموقع جزآهم الله خيرًا هم أصحاب الفضل
علي في هذا الأمر ، وأنا أرجو ربي سبحانه وتعالي أن يتكرر هذا اللقاء
أسبوعيًا أنا أنوي الحقيقة منذ مدة أن أتواصل معكم مباشرة علي الموقع لمدة
ساعتين في الأسبوع ، وأنا إن شاء الله U
ذاهب للحج سأعقد أيضًا معكم لقاًء أو لقاءين علي حسب ما تتيسر ظروفي هناك
لأتواصل معكم وأنظر إلي مشكلاتكم وإلي أسئلتكم ، وأسأل الله سبحانه وتعالي
أن يفتح فهمي وأن يسدد رميتي إنه ولي ذلك والقادر عليه . طبعًا السؤال
الذي وجه .
ماذا يفعل المسلم في زمان الغربة ؟! لابد أن نعرف أولًا معني الغربة
الغربة: ألا يكون لك شبيه ولا نظير وأن تنبت في مُناخ غير مُناخِك ومع ذلك
فالعجيب أنك تحي لو وضعنا نبتة مثلًا تنبت في الصيف وغرسناها في الشتاء
العادة أنها لا تخرج،ولو عكسنا الأمر, فالعادة لا تنبت أيضًا ، ومع ذلك
بذرة الإيمان هذه حيثما بذرتها تنبت
فأنا أقول: الغريب هو الذي يعيش في غير مُناخه ومع ذلك يحي لا يموت السبب
في ذلك: هو حرارة الإيمان،ولذلك لابد من النظر إلي سيرة الغرباء الأولين
كل غُربة جاءت بعد الغربة الأولي التي كان يعيشها النبي r
والصحابة تسمي بالغربة التالية أو الغربة الثانية ، فكل غريبٍ يمر بهذه
المرحلة لابد أن ينظر إلي حال الغرباء الأولين كيف أنهم مع شدة الإرهاق
وشدة الضغط عليهم وتكالب قريش عليهم ولم يكن القرشيون آنذاك مثل الدول
الآن كانوا أشد قوة،وأشد تضامنًا،وأشد افتراءً وتعذيبًا من الآن ، ومع ذلك
استطاع هؤلاء بفضل الله سبحانه وتعالي وبصدق إقبالهم علي الله سبحانه
وتعالي أن ينصروا هذا الدين برغم غربتهم الأمثلة كثيرة جدًا .
من الأمثلة علي الغربة .بدأت بمساومة جرت بين النبي r وبين قريش أو بالأحرى بين قريش وبين النبيr لأن النبي r ما كان يساوم علي شيء قط مما أمره به ربه سبحانه وتعالي أن يبلغه للناس وكما قال الله U في مثل هذا: ﴿ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾ (القلم:9).
لم قدم الله U النبيr
في الآية﴿ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾ وأخرهم ثانيًا؟ وهذا له
نكته ، النكتة هذه تتعلق بالكِبر لم تأتي الآية( ودوا لو يدهنون فتدهن)،
لا، ﴿ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾ أي يريدون المبادرة تأتي من
النبيr علي أساس أنهم كانوا يعتبرونه الأقل والأذل وهم السادة فالكِبر هو الذي جعلهم لا يخطون هذه الخطوة ، بل لابد أن يتنازل هو r ثم يتنازلون بعد ذلك لكن طاش سهمهم بطبيعة الحال لأنهم لم يكونوا يعرفوا ، من هو النبيr ؟! ، بل لم يكونوا يعرفوا رب العزة تبارك وتعالي كما في حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم في صلح الحديبية وهم يكتبون الصلح .
لما قال: « أكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال: والله ما نعرف الرحمن هذا الرحمن ما نعرفه ، ولكن أكتب ما نعرفه باسمك اللهم »
مالدافع لمساومات قريش للنبيr ؟ هذه المساومات من جانب قريش والرسل والوفود التي كانت تأتي النبي r ليتخلي عن دعوته ، وتظل قريشٌ جميعًا لا يفترقون ما هدأت هذه المساومات إطلاقًا ، ولكنها كانت تتكسر دائمًا عندما تصل إلي النبي r
وهو يبث الاعتقاد عند هؤلاء الناس, كما قلت حدثت مساومات كثيرة لكنني
الحقيقة أقف عند واقعة رواها الإمام الكبير العلم أبو بكر بن أبي شيبة في
مصنفه ، وكذلك رواها عبد بن حميد وغيره من العلماء المتقدمين بإسناد مقارب
في طبعًا إسناد ليس صحيحًا تمامًا ولا أعتقد أنه يكون حسن هكذا قولًا
واحدًا ولكن هو الإسناد المقارب يصلح أن يحكي لأن هذا يدخل في باب السير
وغيره .
فأنا أذكر لكم هذا كمثال لهؤلاء الذين كانوا يساومون النبي r ، وكيف أنه أقام عليهم الحجة ولم يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا .
الحديث هذا كما قلت رواه بن أبي شيبة وغيره من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري t يقول جابر: أن قريش اجتمعت يومًا فقالوا: انظروا أعلمك بالسحر والكهانة والشعر ، فليأتي هذا الرجل يعنون النبي r
الذي قد فرق جماعتنا ، وشتت أمرنا ، وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا يرد
عليه فقالوا: لا نعلم أحدًا غير عتبة بن ربيعة علي أساس أنه عتبة كان
رجلًا متكلمًا أو كان خطيبًا مفوهًا ، فأرسلوه إلي النبي r
وطبعًا حمسوه الأول وبجحوه إلي نفسه وقالوا له: أنت رجل ممتاز وصفتك كذا
وكذا ، وقالوا له: يا أبا الوليد أأتيه كلمه وأقم عليه الحجة فجاء عتبة بن
ربيعة يكني بأبي الوليد فقال يا محمد: (أأنت خير أم عبد الله ؟!) يعنون
أباه فسكت رسول الله r هذا سؤال لا يجاب عنه يقول: أنا خير من أبي هو يحاول أن يأتي بأسئلة مفحمة له بحيث أن يقيم عليه الحجة فالنبيr لما سأله عتبة: (أأنت خير أم عبد الله ؟!) فسكت ثم قال: (أأنت خير أم عبد المطلب؟!) فسكت وهو جده فالنبي r
لم يجب فقال عتبة بت ربيعة: (فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا
الآلهة التي عبت ، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك) انظر
داخل دخلة خطأ داخل دخلة تحدي يقول: إذا كنت تقول أنك خير من أبيك أو خير
من جدي تكلم لكي نسمع كلامك لكي نسمع كلامك ونقول: والله أنظروا إلي هذا
الرجل كيف يُزري علي أبيه وعلي جده ، وهذه كانت مسألة شديدة جدًا لأنها
تضر بقصة الاعتداد بالنفس والقبيلة والكلام هذا ، وإن كنت تقول: أنهم
أخيار فقد عبدوا الآلهة التي جئت لتفرق جماعتنا وتقول: أنه لا يحل لكم أن
تعبدوا لا اللات ولا العزي ولا مناه ولا الكلام هذا ، وبعد ذلك بدأ يخطأ
وبدأ يهدد
فقال: (إنا والله ما رأينا سخلةً قط أشأم علي قومه منك) أي لم نري كائنًا
سخلة :مثل الماعز الصغير المولود يريد أن يقول: ما رأينا ولداً أشأم علي
قومه منك فرقت جماعتنا ، شتت أمرنا ، عبت ديننا فضحتنا في العرب حتى لقد
طار فيهم أن في قريش ساحرًا ، وأن في قريش كاهنًا والله ما ننتظر إلا مثل
صيحة الحبلي أن يقوم بعضنا إلي بعض بالسيوف حتى نتفانى أيها الرجل) يقول
له: لم يتبقي إلا القليل ونتقاتل بسببك ، لما كلنا يقتل بعضنا بعضًا بسببك
فأنت مشئوم أم ولد ميمون ؟! ، وبعد ذلك بدأ يغريه ,
قال له: (إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغني قريش رجلًا واحدًا
وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرًا) وكثير من
الناس يتصور أن دعاة الإصلاح وراءهم مآرب دنيوية ولذلك ممكن يشتريه .
تنبيه الشيخ حفظه الله للدعاة: لذلك أنا أنبه كثير من إخواننا ونسأل الله
أن يربط علي قلوبنا وعلي قلوبكم أن كثيرًا من أصحاب الدعوات الصادقة الذين
فتح اللهU
قلوب الناس لهم سيجدون , من يساوموا علي دنيا أي ممكن يساومه يقول له: أنا
ممكن أعطيك فيلا ، ممكن أعطيك سيارة ، ممكن أجعلك تطلع في الفضائيات ،ممكن
أقربك من أصحاب القرار ، ممكن كذا ، ممكن كذا إذا وجده قبل يحترق يقول:
خلاص نحن علمنا ديته ، ما ديته ؟! يأكله أكلة جيدة ، يسقوه شربة جيدة ،
أجعل السيارة تنتظره تحت جناح الطيارة ، أجعله يجلس في الديوان الأميري ،
أجعله يذهب في صالة كبار الزوار الكلام هذا ، إذا وجدوا منه مهادنة وبعد
ذلك يسألوه سؤال أو سؤالين أو ثلاثة فيجيب بخلاف ما كان يجيب قبل ذلك ، أو
يجيب بخلاف ما يعتقد أو الكلام هذا عرفوا إن هذا إنسان محترق .
فلذلك لابد أن ينتبه إخواننا نسأل الله أن يربط علي قلوبنا وإياكم إلي مثل هذه المساومات المبطنة ، وهذه تحتاج إلي بصيرة والله U هو الذي يفتح بصيرة الإنسان إلي مثل هذا ، لذلك عندما تروا مثلًا بلقيس لما سليمان عليه السلام أرسل إليها هذا التهديد ﴿ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾
(النمل:30:31) كلمة ونصف استشارت قومها الجماعة قواد الجيش قالوا: نحن
أولوا بأس شديد عندنا الجيوش وغير ذلك لكن أمرينا فقط ونحن ندخل علي
سليمان هذا ونجتاح بيضته ، فكانت امرأة عاقلة لكنها رغبت أن تعلم ، أهذا رجل ممن يشتري أم رجل صاحب مبدأ ؟! فقالت: ﴿ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ﴾(النمل:35)بعد ما حدث كلامها الأول ﴿
قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا
وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ (النمل:34)
أنا أريد أن أعلم ملك جاء يجتاح لكي يحتل الأرض ويأخذ الخيرات ، وينهب
مقدرات الناس وغير ذلك أم هذا رجل صاحب مبدأ ؟! الهدية معروف أنها تكسر
القلب وتسل سخيمة الصدر ، مثلما نقول في الأمثال أطعم الفم تستحي العين
طالما أكلته ، وطالما أكرمته انكسرت عينه فأرسلت هدية لكي تري القصة ، هل
هو ملك من الجماعة هؤلاء الذين لو لما غضب سليمان عليه السلام عندما أرسلت له بلقيس الهدية؟ أعطيتهم نقود يسكت أو هو صاحب مبدأ ؟! طبعًا هي عندما أرسلت بالهدية غضب سليمان عليه السلام أشد الغضب وقال:
﴿ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا
آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ
إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا
وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾(النمل:36:37)