بسم الله الرحمن الرحيم
كيف نُعين أطفالنا على حب القرآن الكريم ؟!!
سبحان
الله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين ، حمداً يليق بكماله وجلاله،
حمداً يُوازي نعمته علينا بالإسلام العظيم ، و يُكافىء مَنِّهِ علينا
بالقرآن الكريم ...والصلاة والسلام على خير المُرسلين، النبي الأُمِّي،
الصادق الأمين ، الذي تلقى القرآن من لَدُن حكيم عليم ، فبلَّغَهُ وتحمل
من أجل ذلك ما تحمَّل حتى أوصله إلينا ، فصِرنا- بفضل الله - مسلمين ،
وبعد.
فإن طفلٌ في جوفه القرآن ، أو شيءٌ من القرآن ، أو طفل
يُحِبُّ القرآن لهو نورٌ في الأرض يتحرك وسط الظلام الذي بِِتنا نعيشه ،
وصِرنا نخشى اتساع رقعته في الأعوام القادمة .
وإذا كان الإمام
أحمد بن حنبل –رضي الله عنه- قد اعتبر زمانه زمان فِتن لأن الريح كشفت
جزءاً من كعب امرأة رغما ًعنها ، ورآه هو عن غير قَصد... فماذا نقول عن
زماننا؟!!!!!
بل كيف نتصور حال الزمان الذي سيعيشه أبناؤنا ؟!! :blink:
وإذا كان المَخرج من هذه الفِتن هو التمسُّك بكتاب الله ، وسُنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم ،
فما أحرانا بأن نحبِّب القرآن إلى أبناءنا ،
لعل القرآن يشفع لنا ولهم يوم القيامة .،
.وعساه أن ينير لهم أيامهم ،
ولعل الله ينير بهم ما قد يحل من ظلام حولهم .
وفي السطور القادمة محاولة لإعانة الوالدين - أو مَن يقوم مقامهما – على أن يربوا أطفالاً يُحبُّون القرآن الكريم ،
فأرجو الله تعالى أن ينفع بها، وله الحمد والمِنَّة .
لماذا نحبِّب القرآن الكريم إلى أبناءنا؟!!
إن الأسباب – في الحقيقة - كثيرة ...ولعل ما يلي هو بعضها:
1-
لأن القرآن الكريم هو عقل المؤمن، ودستور حياته ، فهو كلام الله الذي
تولَّى حفظه دون سائر ما نزل من كتب سماوية ، لذا فإن أطفالنا إذا أحبوه
تمسَّكوا بتعاليمه، ومن ثمَّ لم يضلِّوا أبداً .
2- لأن القرآن
الكريم هو خير ما يثبِّت في النفس عقيدة الإيمان بالله واليوم الآخر، وخير
ما يفسح أمام العقل آفاق العلوم والمعارف الإنسانية ، وخير ما يسكُب في
القلب برد الطمأنينة والرضا ، وخير ما يمكن أن نُناجي به مولانا في هدأة
الأسحار (1)،
"فإذا ارتبط قلب الطفل بالقرآن وفتح عينيه على آياته
فإنه لن يعرف مبدأً يعتقده سوى مبادىء القرآن ، ولن يعرف تشريعاً يستقي
منه سوى تشريع القرآن ، ولن يعرف بلسماً لروحه وشفاءً لنَفسِهِ سوى
التخشُّع بآيات القرآن ... وعندئذٍ يصل الوالدان إلى غايتهما المرجوة في
تكوين الطفل روحياً، و إعداده إبمانياً وخُلُقياً "( 2)
3 -0لأن
القرآن الكريم هو" الرسالة الإلهية الخالدة ، ومستودع الفِكر والوعي،
ومنهج الاستقامة ، والهداية ، ومقياس النقاء و الأصالة " (3)...فإذا أحبه
الطفل كان ذلك ضمانا ً- بإذن الله – لهدايته، واستقامته، وسِعة أفقه ،
ونقاء سريرته ، وغزارة علمه .
4-"لأن القرآن الكريم إذا تبوَّأ
مكانةً عظيمة في نفوس أطفالنا شبُّوا على ذلك، ولعل منهم مَن يصبح قاضيا ً
،أو وزيراً،أو رئيساً ، فيجعل القرآن العظيم له دستوراً ومنهاجاً ، بعد أن
ترسَّخ حبه في نفسه منذ الصِّغَر"(4)
5-لأن حب الطفل للقرآن يعينه
على حفظه ، ولعل هذا يحفظ الطفل ، ليس فقط من شرور الدنيا والآخرة ، وإنما
أيضاً من بذاءات اللسان .... ففم ينطق بكلام الله ويحفظه يأنف ،ويستنكف عن
أن ينطق بالشتائم والغيبة والكذب وسائر آفات اللسان .
6- لأن
أبناءنا أمانة ٌ في أعناقنا أوصانا الله تعالى ورسوله الكريم بهم ، وسوف
نسألٌُ عنهم يوم القيامة ، وكفانا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
كفى بالمرء إثماً أن يضيِّع مَن يعول" ؛ فالضياع قد يكون أخلاقياً ، وقد
يكون دينياً ، وقد يكون نفسياً ، وقد يكون مادياً - كفانا الله وإيَّاكم
شر تضييع أبناءنا- ولن نجد أكثر أماناً من القرآن نبثه في عقول وأرواح
أطفالنا حِفظاً لهم من كل أنواع الضَّياع !!!!or=darkblue]لأن
ذاكرة الطفل صفحة ٌ بيضاء ، فإذا لم نملؤها بالمفيد فإنها ستمتلىء بما هو
موجود!!! ولنا أن نتحدث –ولا حرج - عن ما يغزو فكر أبناءنا مما هو موجود ،
بدءاً بأفلام الرسوم المتحركة (الكرتون) المُغرِضة ، ومروراً بالأغاني
والإعلانات الهابطة، وانتهاءً بمناهج التعليم الهدَّامة !!!!
فإذا أحب
الطفل القرآن الكريم،أصبح فهمه يسيراً عليه، مما يولِّد لديه ذخيرة من
المفاهيم والمعلومات التي تمكِّنه من غربلة ، وتنقية الأفكار الهدامة التي
تغزو فِكرَهُ من كل مكان.
8- لأننا مٌقبلون-أو أقبلنا بالفعل - على
الزمن الذي أخبر عنه الحبيب صلى الله عليه وسلم:أن فيه " تلدُ الأَمَة
ربَّتَها" أي تتعامل الإبنة مع أمها وكأنها هي الأم !!!!
فلعل حب القرآن في قلوب الأبناء يخفِّف من حِدة عقوقهم لوالديهم في هذا الزمان .
9-
لأن أطفالنا إذا أحبوه وفهموه ، ثم عملوا به ، وتسببوا في أن يحبه غيرهم
...كان ذلك صدقة جارية في ميزان حسنات الوالدين إلى يوم الدين ، يوم يكون
المسلم في أمس الحاجة لحسنة واحدة تثقِّل ميزانه .
10-"لأن هذا
الصغير صغيرٌ في نظر الناس، لكنه كبير عند الله ، فهو من عباده
الصِّغار،لذا فمن حقه علينا أن نحترمه ، وأن نعطيه حقه من الرعاية
،والتأديب... ولقد قال صلى الله عليه وسلم:"أدّبوا أولادكم على ثلاث
خِصال: حب نبيكم ، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن فإن حَمَلة القرآن في ظل
عرش الرحمن يوم لا ظِل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه" رواه الطبراني )( 4)
11-
لأن القرآن الكريم هو حبل الله المتين الذي يربط المسلمين بربهم، ويجمع
بين قلوبهم على اختلاف أجناسهم ولغاتهم ،وما أحوج أطفالنا- حين يشبُّوا-
لأن يرتبطوا بشتى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، في وقت اشتدت فيه
الهجمات على الدين الإسلامي والمسلمين من كل مكان !!!!
كيف أغرس في قلب طفلي حب القرآن؟!!!
إ ن الهدف المرجو من هذا المقال هو مساعدة الطفل على حب القرآن الكريم ، من أجل أن يسهُل عليه حِفظه ، وفهمه ، ومن ثمَّ تطبيقه .
ومن أجل ذلك علينا أن نبدأ من البداية ، وهي اختيار الزوج أو الزوجة الصالحة ،
فقبل
أن ننثر البذور علينا أن نختار الأرض الصالحة للزراعة ، ثم المناخ المناسب
لنمو هذه البذور ...حتى نضمن بإذن الله محصولاً سليماً من الآفات ، يسُرُّ
القلب والعين .
بعد ذلك تأتي المراحل التالية